Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الجن - الآية 10

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10) (الجن) mp3
أَيْ مَا نَدْرِي هَذَا الْأَمْر الَّذِي قَدْ حَدَثَ فِي السَّمَاء لَا نَدْرِي أَشَرّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْض أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبّهمْ رَشَدًا وَهَذَا مِنْ أَدَبهمْ فِي الْعِبَارَة حَيْثُ أَسْنَدُوا الشَّرّ إِلَى غَيْر فَاعِل وَالْخَيْر أَضَافُوهُ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيح " الشَّرّ لَيْسَ إِلَيْك " وَقَدْ كَانَتْ الْكَوَاكِب يُرْمَى بِهَا قَبْل ذَلِكَ وَلَكِنْ لَيْسَ بِكَثِيرٍ بَلْ فِي الْأَحْيَان بَعْد الْأَحْيَان كَمَا فِي حَدِيث الْعَبَّاس بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوس مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ فَقَالَ " مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي هَذَا ؟ فَقُلْنَا كُنَّا نَقُول يُولَد عَظِيم يَمُوت عَظِيم فَقَالَ " لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنَّ اللَّه إِذَا قَضَى الْأَمْر فِي السَّمَاء " وَذَكَرَ تَمَام الْحَدِيث وَقَدْ أَوْرَدْنَاهُ فِي سُورَة سَبَأ بِتَمَامِهِ وَهَذَا هُوَ السَّبَب الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى تَطَلُّب السَّبَب فِي ذَلِكَ فَأَخَذُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِق الْأَرْض وَمَغَارِبهَا فَوَجَدُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأ بِأَصْحَابِهِ فِي الصَّلَاة فَعَرَفُوا أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي حُفِظَتْ مِنْ أَجْله السَّمَاء فَآمَنَ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ وَتَمَرَّدَ فِي طُغْيَانه مَنْ بَقِيَ كَمَا تَقَدَّمَ حَدِيث اِبْن عَبَّاس فِي ذَلِكَ عِنْد قَوْله فِي سُورَة الْأَحْقَاف " وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْك نَفَرًا مِنْ الْجِنّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآن " الْآيَة وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَمَّا حَدَثَ هَذَا الْأَمْر وَهُوَ كَثْرَة الشُّهُب فِي السَّمَاء وَالرَّمْي بِهَا هَالَ ذَلِكَ الْإِنْس وَالْجِنّ وَانْزَعَجُوا لَهُ وَارْتَاعُوا لِذَلِكَ وَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ لِخَرَابِ الْعَالَم كَمَا قَالَ السُّدِّيّ لَمْ تَكُنْ السَّمَاء تُحْرَس إِلَّا أَنْ يَكُون فِي الْأَرْض نَبِيّ أَوْ دِين لِلَّهِ ظَاهِر فَكَانَتْ الشَّيَاطِين قَبْل مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ اِتَّخَذَتْ الْمَقَاعِد فِي السَّمَاء الدُّنْيَا يَسْتَمِعُونَ مَا يَحْدُث فِي السَّمَاء مِنْ أَمْر فَلَمَّا بَعَثَ اللَّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا رَسُولًا رُجِمُوا لَيْلَة مِنْ اللَّيَالِي فَفَزِعَ لِذَلِكَ أَهْل الطَّائِف فَقَالُوا هَلَكَ أَهْل السَّمَاء لِمَا رَأَوْا مِنْ شِدَّة النَّار فِي السَّمَاء وَاخْتِلَاف الشُّهُب فَجَعَلُوا يُعْتِقُونَ أَرِقَّاءَهُمْ وَيُسَيِّبُونَ مَوَاشِيهمْ فَقَالَ لَهُمْ عَبْد يَا لَيْل بْن عَمْرو بْن عُمَيْر : وَيْحكُمْ يَا مَعْشَر أَهْل الطَّائِف أَمْسِكُوا عَنْ أَمْوَالكُمْ وَانْظُرُوا إِلَى مَعَالِم النُّجُوم فَإِنْ رَأَيْتُمُوهَا مُسْتَقِرَّة فِي أَمْكِنَتهَا فَلَمْ يَهْلِك أَهْل السَّمَاء إِنَّمَا هَذَا مِنْ أَجْل اِبْن أَبِي كَبْشَة يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ نَظَرْتُمْ فَلَمْ تَرَوْهَا فَقَدْ هَلَكَ أَهْل السَّمَاء فَنَظَرُوا فَرَأَوْهَا فَكَفُّوا عَنْ أَمْوَالهمْ وَفَزِعَتْ الشَّيَاطِين فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فَأَتَوْا إِبْلِيس فَحَدَّثُوهُ بِاَلَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرهمْ فَقَالَ اِئْتُونِي مِنْ كُلّ أَرْض بِقَبْضَةٍ مِنْ تُرَاب أَشُمّهَا فَأَتَوْهُ فَشَمَّ فَقَالَ صَاحِبكُمْ بِمَكَّة فَبَعَثَ سَبْعَة نَفَر مِنْ جِنّ نَصِيبِينَ فَقَدِمُوا مَكَّة فَوَجَدُوا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِد الْحَرَام يَقْرَأ الْقُرْآن فَدَنَوْا مِنْهُ حِرْصًا عَلَى الْقُرْآن حَتَّى كَادَتْ كَلَاكِلهُمْ تُصِيبهُ ثُمَّ أَسْلَمُوا فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى أَمْرهمْ عَلَى رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْفَصْل مُسْتَقْصًى فِي أَوَّل الْبَعْث مِنْ " كِتَاب السِّيرَة " الْمُطَوَّل وَاَللَّه أَعْلَم وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • سنن ابن ماجه

    سنن ابن ماجه سادس الكتب الستة على القول المشهور وهو أقلُّها درجة. - قال الحافظ ابن حجر في ترجمة ابن ماجه في تهذيب التهذيب: "كتابه في السنن جامعٌ جيِّدٌ كثيرُ الأبواب والغرائب وفيه أحاديث ضعيفة جدًّا، حتى بلغني أنًَّ السريَّ كان يقول:مهما انفرد بخبر فيه فهو ضعيفٌ غالباً، وليس الأمرُ في ذلك على إطلاقه باستقرائي، وفي الجملة ففيه أحاديثُ كثيرةٌ منكرةٌ، والله المستعان". وإنَّما اعتُبِر سادسُ الكتب الستة لكثرة زوائده على الكتب الخمسة، وقيل سادسها الموطأ لعُلُوِّ إسناده، وقيل السادس سنن الدارمي.

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/140683

    التحميل:

  • جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز

    جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز : هذه الرواية تمثل صورة صادقة لحياة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - فهي تصور أخلاقه وعلمه، وعبادته، ودعابته، وحاله في الصحة، والمرض، والحضر، والسفر، ومواقفه الرائعة، وقصصه المؤثرة، وأياديه البيضاء، وأعماله الجليلة، ومآثره الخالدة، ومنهجه في التعامل مع الناس على اختلاف طبقاتهم. كما أنها تحتوي على أخبار، وإملاءات، ومكاتبات نادرة تلقي الضوء على جوانب مضيئة من تلك السيرة الغراء.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172561

    التحميل:

  • إتحاف أهل الإيمان بما يعصم من فتن هذا الزمان

    في هذه الرسالة بعض الأسباب التي تعصم من الفتن.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209161

    التحميل:

  • التبرج وخطر مشاركة المرأة للرجل في العمل

    التبرج وخطر مشاركة المرأة للرجل في العمل: بيان خطر تبرج المرأة وبيان أن ذلك من المنكرات العظيمة والمعاصي الظاهرة، وبيان خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله، وأنه مُصَادِم لنصوص الشريعة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1914

    التحميل:

  • شرح القواعد الأربع [ صالح آل الشيخ ]

    القواعد الأربع: رسالة مختصرة كتبها الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وقد اشتملت على تقرير ومعرفة قواعد التوحيد، وقواعد الشرك، ومسألة الحكم على أهل الشرك، والشفاعة المنفية والشفاعة المثبتة، وقد شرحها معالي الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله تعالى -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2620

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة