Muslim Library

تفسير القرطبي - سورة ق - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
ق ۚ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) (ق) mp3
سُورَة ق مَكِّيَّة كُلّهَا فِي قَوْل الْحَسَن وَعَطَاء وَعِكْرِمَة وَجَابِر . قَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : إِلَّا آيَة , وَهِيَ قَوْله تَعَالَى : " وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فِي سِتَّة أَيَّام وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب " ( ق : 38 ) . وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أُمّ هِشَام بِنْت حَارِثَة بْن النُّعْمَان قَالَتْ : لَقَدْ كَانَ تَنُّورنَا وَتَنُّور رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا سَنَتَيْنِ - أَوْ سَنَة وَبَعْض سَنَة - وَمَا أَخَذْت " ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد " إِلَّا عَنْ لِسَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; يَقْرَؤُهَا كُلّ يَوْم جُمُعَة عَلَى الْمِنْبَر إِذَا خَطَبَ النَّاس . وَعَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ سَأَلَ أَبَا وَاقِد اللَّيْثِيّ مَا كَانَ يَقْرَأ بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْر ؟ فَقَالَ : كَانَ يَقْرَأ فِيهِمَا بِ " ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد " وَ " اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر " . وَعَنْ جَابِر بْن سَمُرَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأ فِي الْفَجْر بِ " ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد " وَكَانَتْ صَلَاته بَعْد تَخْفِيفًا .

قَرَأَ الْعَامَّة " قَاف " بِالْجَزْمِ . وَقَرَأَ الْحَسَن وَابْن أَبِي إِسْحَاق وَنَصْر بْن عَاصِم " قَاف " بِكَسْرِ الْفَاء ; لِأَنَّ الْكَسْر أَخُو الْجَزْم , فَلَمَّا سُكِّنَ آخِره حَرَّكُوهُ بِحَرَكَةِ الْخَفْض . وَقَرَأَ عِيسَى الثَّقَفِيّ بِفَتْحِ الْفَاء حَرَّكَهُ إِلَى أَخَفّ الْحَرَكَات . وَقَرَأَ هَارُون وَمُحَمَّد بْن السَّمَيْقَع " قَاف " بِالضَّمِّ ; لِأَنَّهُ فِي غَالِب الْأَمْر حَرَكَة الْبِنَاء نَحْو مُنْذُ وَقَدْ وَقَبْل وَبَعْد . وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى " قَاف " مَا هُوَ ؟ فَقَالَ اِبْن زَيْد وَعِكْرِمَة وَالضَّحَّاك : هُوَ جَبَل مُحِيط بِالْأَرْضِ مِنْ زُمُرُّدَة خَضْرَاء اِخْضَرَّتْ السَّمَاء مِنْهُ , وَعَلَيْهِ طَرَفَا السَّمَاء وَالسَّمَاء عَلَيْهِ مَقْبِيَّة , وَمَا أَصَابَ النَّاس مِنْ زُمُرُّد كَانَ مِمَّا تَسَاقَطَ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَل . وَرَوَاهُ أَبُو الْجَوْزَاء عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس . قَالَ الْفَرَّاء : كَانَ يَجِب عَلَى هَذَا أَنْ يُظْهِر الْإِعْرَاب فِي " ق " ; لِأَنَّهُ اِسْم وَلَيْسَ بِهِجَاءٍ . قَالَ : وَلَعَلَّ الْقَاف وَحْدهَا ذُكِرَتْ مِنْ اِسْمه ; كَقَوْلِ الْقَائِل : قُلْت لَهَا قِفِي فَقَالَتْ قَاف أَيْ أَنَا وَاقِفَة . وَهَذَا وَجْه حَسَن وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّل " الْبَقَرَة " . وَقَالَ وَهْب : أَشْرَفَ ذُو الْقَرْنَيْنِ عَلَى جَبَل قَاف فَرَأَى تَحْته جِبَالًا صِغَارًا , فَقَالَ لَهُ : مَا أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا قَاف , قَالَ : فَمَا هَذِهِ الْجِبَال حَوْلك ؟ قَالَ : هِيَ عُرُوقِي وَمَا مِنْ مَدِينَة إِلَّا وَفِيهَا عِرْق مِنْ عُرُوقِي , فَإِذَا أَرَادَ اللَّه أَنْ يُزَلْزِل مَدِينَة أَمَرَنِي فَحَرَّكْت عِرْقِي ذَلِكَ فَتَزَلْزَلَتْ تِلْكَ الْأَرْض ; فَقَالَ لَهُ : يَا قَاف أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ مِنْ عَظَمَة اللَّه ; قَالَ : إِنَّ شَأْن رَبّنَا لَعَظِيم , وَإِنَّ وَرَائِي أَرْضًا مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ عَام فِي خَمْسمِائَةِ عَام مِنْ جِبَال ثَلْج يُحَطِّم بَعْضهَا بَعْضًا , لَوْلَا هِيَ لَاحْتَرَقْت مِنْ حَرّ جَهَنَّم . فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ جَهَنَّم عَلَى وَجْه الْأَرْض وَاَللَّه أَعْلَم بِمَوْضِعِهَا ; وَأَيْنَ هِيَ مِنْ الْأَرْض . قَالَ : زِدْنِي , قَالَ : إِنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَاقِف بَيْن يَدَيْ اللَّه تَرْعَد فَرَائِصه , يَخْلُق اللَّه مِنْ كُلّ رَعْدَة مِائَة أَلْف مَلَك , فَأُولَئِكَ الْمَلَائِكَة وُقُوف بَيْن يَدَيْ اللَّه تَعَالَى مُنَكِّسُو رُءُوسهمْ , فَإِذَا أَذِنَ اللَّه لَهُمْ فِي الْكَلَام قَالُوا : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ; وَهُوَ قَوْله تَعَالَى : " يَوْم يَقُوم الرُّوح وَالْمَلَائِكَة صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَن وَقَالَ صَوَابًا " [ النَّبَأ : 38 ] يَعْنِي قَوْل : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . وَقَالَ الزَّجَّاج : قَوْله " ق " أَيْ قُضِيَ الْأَمْر , كَمَا قِيلَ فِي " حم " أَيْ حُمَّ الْأَمْر . و قَالَ اِبْن عَبَّاس : " ق " اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى أَقْسَمَ بِهِ . وَعَنْهُ أَيْضًا : أَنَّهُ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . وَهُوَ قَوْل قَتَادَة . وَقَالَ الْقُرَظِيّ : اِفْتِتَاح أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى قَدِير وَقَاهِر وَقَرِيب وَقَاضٍ وَقَابِض . وَقَالَ الشَّعْبِيّ : فَاتِحَة السُّورَة . وَقَالَ أَبُو بَكْر الْوَرَّاق : مَعْنَاهُ قِفْ عِنْد أَمْرنَا وَنَهْينَا وَلَا تَعْدُهُمَا . وَقَالَ مُحَمَّد بْن عَاصِم الْأَنْطَاكِيّ : هُوَ قُرْب اللَّه مِنْ عِبَاده , بَيَانه " وَنَحْنُ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ حَبْل الْوَرِيد " [ ق : 16 ] وَقَالَ اِبْن عَطَاء : أَقْسَمَ اللَّه بِقُوَّةِ قَلْب حَبِيبه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَيْثُ حَمَلَ الْخِطَاب وَلَمْ يُؤَثِّر ذَلِكَ فِيهِ لِعُلُوِّ حَاله .

أَيْ الرَّفِيع الْقَدْر . وَقِيلَ : الْكَرِيم ; قَالَهُ الْحَسَن . وَقِيلَ : الْكَثِير ; مَأْخُوذ مِنْ كَثْرَة الْقَدْر وَالْمَنْزِلَة لَا مِنْ كَثْرَة الْعَدَد , مِنْ قَوْلهمْ : كَثِير فُلَان فِي النُّفُوس ; وَمِنْهُ قَوْل الْعَرَب فِي الْمَثَل السَّائِر : " فِي كُلّ شَجَر نَار , وَاسْتَمْجَدَ الْمَرْخ وَالْعَفَار " . أَيْ اِسْتَكْثَرَ هَذَانِ النَّوْعَانِ مِنْ النَّار فَزَادَا عَلَى سَائِر الشَّجَر ; قَالَهُ اِبْن بَحْر . وَجَوَاب الْقَسَم قِيلَ هُوَ : " قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُص الْأَرْض مِنْهُمْ " عَلَى إِرَادَة اللَّام ; أَيْ لَقَدْ عَلِمْنَا . وَقِيلَ : هُوَ " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى " وَهُوَ اِخْتِيَار التِّرْمِذِيّ مُحَمَّد بْن عَلِيّ قَالَ : " ق " قَسَم بِاسْمٍ هُوَ أَعْظَم الْأَسْمَاء الَّتِي خَرَجَتْ إِلَى الْعِبَاد وَهُوَ الْقُدْرَة , وَأَقْسَمَ أَيْضًا بِالْقُرْآنِ الْمَجِيد , ثُمَّ اِقْتَصَّ مَا خَرَجَ مِنْ الْقُدْرَة مِنْ خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرَضِينَ وَأَرْزَاق الْعِبَاد , وَخَلْق الْآدَمِيِّينَ , وَصِفَة يَوْم الْقِيَامَة وَالْجَنَّة وَالنَّار , ثُمَّ قَالَ : " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب " [ ق : 37 ] فَوَقَعَ الْقَسَم عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَة كَأَنَّهُ قَالَ : " ق " أَيْ بِالْقُدْرَةِ وَالْقُرْآن الْمَجِيد أَقْسَمْت أَنَّ فِيمَا اِقْتَصَصْت فِي هَذِهِ السُّورَة " لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب أَوْ أَلْقَى السَّمْع وَهُوَ شَهِيد " [ ق : 37 ] . وَقَالَ اِبْن كَيْسَان : جَوَابه " مَا يَلْفِظ مِنْ قَوْل " . وَقَالَ أَهْل الْكُوفَة : جَوَاب هَذَا الْقَسَم " بَلْ عَجِبُوا " . وَقَالَ الْأَخْفَش : جَوَابه مَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ : " ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد " لَتُبْعَثُنَّ ; يَدُلّ عَلَيْهِ " أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • أركان الإسلام في ضوء الكتاب والسنة

    أركان الإسلام في ضوء الكتاب والسنة: كتابٌ يحتوي على مجموعة من كتب الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني - حفظه الله - والتي تتحدَّث عن أركان الإسلام الخمسة، وهي: 1- عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسنة. 2- صلاة المؤمن في ضوء الكتاب والسنة. 3- الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة. 4- الزكاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة. 5- مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/311945

    التحميل:

  • شرح ستة مواضع من السيرة

    شرح ستة مواضع من السيرة: قال المؤلف - رحمه الله -: «تأمل - رحمك الله - ستة مواضع من السيرة، وافهمها فهمًا حسنًا، لعل الله ان يفهمك دين الأنبياء لتتبعه ودين المشركين لتتركه، فإن أكثر من يدعي الدين ويعد من الموحدين لا يفهم الستة كما ينبغي».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1877

    التحميل:

  • إرهاب المستأمنين وموقف الإسلام منه

    إرهاب المستأمنين وموقف الإسلام منه: يحتوي هذا الكتاب على المباحث الآتية: - المبحث الأول: تعريف الإرهاب وتحريمه في الإسلام. - المبحث الثاني: تعريف الأمان وأركانه وصيغه. - المبحث الثالث: الأدلة على مشروعية الأمان من الكتاب والسنة. - المبحث الرابع: الفرق بين الأمان والذمة والهدنة. - المبحث الخامس: الواجب على المسلمين تجاه المستأمنين. - المبحث السادس: الواجب على المستأمنين في بلاد المسلمين.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/116850

    التحميل:

  • الكنوز الملية في الفرائض الجلية

    الكنوز الملية في الفرائض الجلية: شرح لمسائل الفرائض - المواريث - على هيئة سؤال وجواب.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2556

    التحميل:

  • جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز

    جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز : هذه الرواية تمثل صورة صادقة لحياة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - فهي تصور أخلاقه وعلمه، وعبادته، ودعابته، وحاله في الصحة، والمرض، والحضر، والسفر، ومواقفه الرائعة، وقصصه المؤثرة، وأياديه البيضاء، وأعماله الجليلة، ومآثره الخالدة، ومنهجه في التعامل مع الناس على اختلاف طبقاتهم. كما أنها تحتوي على أخبار، وإملاءات، ومكاتبات نادرة تلقي الضوء على جوانب مضيئة من تلك السيرة الغراء.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172561

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة