Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأنفال - الآية 40

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ ۚ نِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) (الأنفال) mp3
وَقَوْله " وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير " أَيْ وَإِنْ اِسْتَمَرُّوا عَلَى خِلَافكُمْ وَمُحَارَبَتكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه مَوْلَاكُمْ وَسَيِّدكُمْ وَنَاصِركُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير . وَقَالَ مُحَمَّد بْن جَرِير حَدَّثَنِي عَبْد الْوَارِث بْن عَبْد الصَّمَد حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّار حَدَّثَنَا هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ عُرْوَة أَنَّ عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلهُ عَنْ أَشْيَاء فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُرْوَة : سَلَام عَلَيْك فَإِنِّي أَحْمَد إِلَيْك اللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ . أَمَّا بَعْد فَإِنَّك كَتَبْت إِلَيَّ تَسْأَلنِي عَنْ مَخْرَج رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّة وَسَأُخْبِرُك بِهِ وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ كَانَ مِنْ شَأْن خُرُوج رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّة أَنَّ اللَّه أَعْطَاهُ النُّبُوَّة فَنِعْمَ النَّبِيُّ وَنِعْمَ السَّيِّد وَنِعْمَ الْعَشِيرَة فَجَزَاهُ اللَّه خَيْرًا وَعَرَّفَنَا وَجْهه فِي الْجَنَّة وَأَحْيَانَا عَلَى مِلَّته وَأَمَاتَنَا وَبَعَثَنَا عَلَيْهَا وَأَنَّهُ لَمَّا دَعَا قَوْمه لِمَا بَعَثَهُ اللَّه بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالنُّور الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ لَمْ يَبْعُدُوا مِنْهُ أَوَّلَ مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ وَكَانُوا يَسْمَعُونَ لَهُ حَتَّى إِذَا ذَكَرَ طَوَاغِيتَهُمْ وَقَدِمَ نَاس مِنْ الطَّائِف مِنْ قُرَيْش لَهُمْ أَمْوَال أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ نَاس وَاشْتَدُّوا عَلَيْهِ وَكَرِهُوا مَا قَالَ وَأَغْرَوْا بِهِ مَنْ أَطَاعَهُمْ فَانْعَطَفَ عَنْهُ عَامَّة النَّاس فَتَرَكُوهُ إِلَّا مَنْ حَفِظَهُ اللَّه مِنْهُمْ وَهُمْ قَلِيل فَمَكَثَ بِذَلِكَ مَا قَدَّرَ اللَّه أَنْ يَمْكُث ثُمَّ اِئْتَمَرَتْ رُءُوسهمْ بِأَنْ يَفْتِنُوا مَنْ اِتَّبَعَهُ عَنْ دِين اللَّه مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَإِخْوَانهمْ وَقَبَائِلهمْ فَكَانَتْ فِتْنَة شَدِيدَة الزِّلْزَال فَافْتُتِنَ مَنْ اُفْتُتِنَ وَعَصَمَ اللَّه مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ فَلَمَّا فُعِلَ ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِينَ أَمَرَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى أَرْض الْحَبَشَة وَكَانَ بِالْحَبَشَةِ مَلِك صَالِح يُقَال لَهُ النَّجَاشِيّ لَا يُظْلَم أَحَد بِأَرْضِهِ وَكَانَ يُثْنَى عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ وَكَانَتْ أَرْض الْحَبَشَة مَتْجَرًا لِقُرَيْشٍ يَتَّجِرُونَ فِيهَا وَكَانَتْ مَسَاكِن لِتُجَّارِهِمْ يَجِدُونَ فِيهَا رَفَاغًا مِنْ الرِّزْق وَأَمْنًا وَمَتْجَرًا حَسَنًا فَأَمَرَهُمْ بِهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبَ إِلَيْهَا عَامَّتهمْ لَمَّا قُهِرُوا بِمَكَّة وَخَافُوا عَلَيْهِمْ الْفِتَن وَمَكَثَ هُوَ فَلَمْ يَبْرَح فَمَكَثَ بِذَلِكَ سَنَوَات يَشْتَدُّونَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ ثُمَّ إِنَّهُ فَشَا الْإِسْلَام فِيهَا وَدَخَلَ فِيهِ رِجَال مِنْ أَشْرَافهمْ وَمَنَعَتِهِمْ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اِسْتَرْخَوْا اِسْتِرْخَاءَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابه وَكَانَتْ الْفِتْنَة الْأُولَى هِيَ الَّتِي أَخْرَجَتْ مَنْ خَرَجَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَل أَرْض الْحَبَشَة مَخَافَتهَا وَفِرَارًا مِمَّا كَانُوا فِيهِ مِنْ الْفِتَن وَالزِّلْزَال فَلَمَّا اِسْتَرْخَى عَنْهُمْ وَدَخَلَ فِي الْإِسْلَام مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ تَحَدَّثَ بِاسْتِرْخَائِهِمْ عَنْهُمْ فَبَلَغَ مَنْ كَانَ بِأَرْضِ الْحَبَشَة مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ اُسْتُرْخِيَ عَمَّنْ كَانَ مِنْهُمْ بِمَكَّة وَأَنَّهُمْ لَا يُفْتَنُونَ فَرَجَعُوا إِلَى مَكَّة وَكَادُوا يَأْمَنُونَ بِهَا وَجَعَلُوا يَزْدَادُونَ وَيَكْثُرُونَ وَأَنَّهُ أَسْلَمَ مِنْ الْأَنْصَار بِالْمَدِينَةِ نَاس كَثِير وَفَشَا الْإِسْلَام بِالْمَدِينَةِ وَطَفِقَ أَهْل الْمَدِينَة يَأْتُونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّة فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْش ذَلِكَ تَآمَرُوا عَلَى أَنْ يَفْتِنُوهُمْ وَيَشْتَدُّوا فَأَخَذُوهُمْ فَحَرَصُوا عَلَى أَنْ يَفْتِنُوهُمْ فَأَصَابَهُمْ جَهْد شَدِيد فَكَانَتْ الْفِتْنَة الْآخِرَة فَكَانَتْ فِتْنَتَانِ فِتْنَة أَخْرَجَتْ مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ إِلَى أَرْض الْحَبَشَة حِين أَمَرَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا وَأَذِنَ لَهُمْ فِي الْخُرُوج إِلَيْهَا وَفِتْنَة لَمَّا رَجَعُوا وَرَأَوْا مَنْ يَأْتِيهِمْ مِنْ أَهْل الْمَدِينَة ثُمَّ إِنَّهُ جَاءَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَة سَبْعُونَ نَقِيبًا رُءُوس الَّذِينَ أَسْلَمُوا فَوَافَوْهُ بِالْحَجِّ فَبَايَعُوهُ بِالْعَقَبَةِ وَأَعْطَوْهُ عُهُودهمْ وَمَوَاثِيقهمْ عَلَى أَنَّا مِنْك وَأَنْتَ مِنَّا وَعَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْ أَصْحَابك أَوْ جِئْتنَا فَإِنَّا نَمْنَعك مِمَّا نَمْنَع مِنْهُ أَنْفُسنَا فَاشْتَدَّتْ عَلَيْهِمْ قُرَيْش عِنْد ذَلِكَ فَأَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابه أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى الْمَدِينَة وَهِيَ الْفِتْنَة الْآخِرَة الَّتِي أَخْرَجَ فِيهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابه وَخَرَجَ هُوَ وَهِيَ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُون فِتْنَة وَيَكُون الدِّين كُلّه لِلَّهِ " ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى عَنْ اِبْن وَهْب عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزِّنَاد عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى الْوَلِيد يَعْنِي اِبْن عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان بِهَذَا فَذَكَرَ مِثْله وَهَذَا صَحِيح إِلَى عُرْوَة رَحِمَهُ اللَّه .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • حاشية ثلاثة الأصول وأدلتها

    ثلاثة الأصول وأدلتها : رسالة مختصرة ونفيسة صنفها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - تحتوي على الأصول الواجب على الإنسان معرفتها من معرفة العبد ربه, وأنواع العبادة التي أمر الله بها، ومعرفة العبد دينه، ومراتب الدين، وأركان كل مرتبة، ومعرفة النبي - صلى الله عليه وسلم - في نبذة من حياته، والحكمة من بعثته، والإيمان بالبعث والنشور، وركنا التوحيد وهما الكفر بالطاغوت,والإيمان بالله، وقد قام بشرحها العديد من أهل العلم ومنهم فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن قاسم - رحمه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/70852

    التحميل:

  • على قمم الجبال

    على قمم الجبال: فهذه رحلة مع أقوام من الصالحين .. الذين تنافسوا في الطاعات .. وتسابقوا إلى الخيرات .. نعم .. مع الذين سارعوا إلى مغفرة من ربهم وجنات .. هذه أخبار أقوام .. لم يتهيبوا صعود الجبال .. بل نزعوا عن أعناقهم الأغلال .. واشتاقوا إلى الكريم المتعال .. هم نساء ورجال .. علو إلى قمم الجبال .. ما حجبتهم عن ربهم لذة .. ولا اشتغلوا عن دينهم بشهوة .. فأحبهم ربهم وأدناهم .. وأعلى مكانهم وأعطاهم.

    الناشر: موقع الشيخ العريفي www.arefe.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/336208

    التحميل:

  • صالحون مصلحون

    صالحون مصلحون: هذه الرسالة تحتوي على العناصر الآتية: 1- ما هي آداب النصيحة، ما هي ضوابط وحدود الخلاف والجدال والهجر؟ 2- كيف أعامل الناس بحسن الأدب؟ 3- ما هي حقوق المسلمين؟ 4- بيتي كيف أُصلِحُه؟ 5- مَن تُصاحِب؟

    الناشر: موقع رسول الله http://www.rasoulallah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/381128

    التحميل:

  • التنبيهات اللطيفة فيما احتوت عليه الواسطية من المباحث المنيفة

    العقيدة الواسطية : رسالة نفيسة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذكر فيها جمهور مسائل أصول الدين، ومنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي التي يعتمدون عليها في العقائد؛ لذا احتلت مكانة كبيرة بين علماء أهل السنة وطلبة العلم، لما لها من مميزات عدة من حيث اختصار ألفاظها ودقة معانيها وسهولة أسلوبها، وأيضاً ما تميزت به من جمع أدلة أصول الدين العقلية والنقلية؛ لذلك حرص العلماء وطلبة العلم على شرحها وبيان معانيها، ومن هذه الشروح شرح فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله -، وعليها منتخبات من تقارير العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله -.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/107037

    التحميل:

  • التحفة السنية شرح منظومة ابن أبي داود الحائية

    التحفة السنية شرح منظومة ابن أبي داود الحائية: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذا شرحٌ مختصرٌ للقصيدة السنيَّة والمنظومة البهيَّة المشهورة بـ (الحائية) لناظمها الإمام المُحقِّق والحافظ المُتقِن شيخ بغداد أبي بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ابن صاحب السنن الإمام المعروف - رحمهما الله -».

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344673

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة