Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة لقمان - الآية 27

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) (لقمان) mp3
يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ عَظَمَته وَكِبْرِيَائِهِ وَجَلَاله وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاته الْعُلَا وَكَلِمَاته التَّامَّة الَّتِي لَا يُحِيط بِهَا أَحَد وَلَا اِطِّلَاع لِبَشَرٍ عَلَى كَتْبهَا وَإِحْصَائِهَا كَمَا قَالَ سَيِّد الْبَشَر وَخَاتَم الرُّسُل " لَا أُحْصِي ثَنَاء عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسك " فَقَالَ تَعَالَى " وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْض مِنْ شَجَرَة أَقْلَام وَالْبَحْر يَمُدّهُ مِنْ بَعْده سَبْعَة أَبْحُر مَا نَفِدَتْ كَلِمَات اللَّه " أَيْ وَلَوْ أَنَّ جَمِيع أَشْجَار الْأَرْض جُعِلَتْ أَقْلَامًا وَجُعِلَ الْبَحْر مِدَادًا وَأَمَدَّهُ سَبْعَة أَبْحُر مَعَهُ فَكُتِبَتْ بِهَا كَلِمَات اللَّه الدَّالَّة عَلَى عَظَمَته وَصِفَاته وَجَلَاله لَتَكَسَّرَتْ الْأَقْلَام وَنَفِدَ مَاء الْبَحْر وَلَوْ جَاءَ أَمْثَالهَا مَدَدًا وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ السَّبْعَة عَلَى وَجْه الْمُبَالَغَة وَلَمْ يُرِدْ الْحَصْر وَلَا أَنَّ ثَمَّ سَبْعَة أَبْحُر مَوْجُودَة مُحِيطَة بِالْعَالَمِ كَمَا يَقُولهُ مَنْ تَلَقَّاهُ مِنْ الْإِسْرَائِيلِيَّات الَّتِي لَا تُصَدَّق وَلَا تُكَذَّب بَلْ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى " قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْر مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْر قَبْل أَنْ تَنْفَد كَلِمَات رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا " فَلَيْسَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ" بِمِثْلِهِ " آخَر فَقَطْ بَلْ بِمِثْلِهِ ثُمَّ بِمِثْلِهِ ثُمَّ بِمِثْلِهِ ثُمَّ هَلُمَّ جَرًّا لِأَنَّهُ لَا حَصْر لِآيَاتِ اللَّه وَكَلِمَاته قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ لَوْ جُعِلَ شَجَر الْأَرْض أَقْلَامًا وَجُعِلَ الْبَحْر مِدَادًا وَقَالَ اللَّه إِنَّ مِنْ أَمْرِي كَذَا وَمِنْ أَمْرِي كَذَا لَنَفِدَ مَاء الْبَحْر وَتَكَسَّرَتْ الْأَقْلَام. وَقَالَ قَتَادَة قَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّمَا هَذَا كَلَام يُوشِك أَنْ يَنْفَد فَقَالَ اللَّه تَعَالَى " وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْض مِنْ شَجَرَة أَقْلَام " أَيْ لَوْ كَانَ شَجَر الْأَرْض أَقْلَامًا وَمَعَ الْبَحْر سَبْعَة أَبْحُر مَا كَانَ لِتَنْفَد عَجَائِب رَبِّي وَحِكْمَته وَخَلْقه وَعِلْمه . وَقَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس إِنَّ مَثَلَ عِلْم الْعِبَاد كُلّهمْ فِي عِلْم اللَّه كَقَطْرَةٍ مِنْ مَاء الْبُحُور كُلّهَا وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّه ذَلِكَ " وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْض مِنْ شَجَرَة أَقْلَام " الْآيَة يَقُول لَوْ كَانَ الْبَحْر مِدَادًا لِكَلِمَاتِ اللَّه وَالْأَشْجَار كُلّهَا أَقْلَامًا لَانْكَسَرَتْ الْأَقْلَام وَفَنِيَ مَاء الْبَحْر وَبَقِيَتْ كَلِمَات اللَّه قَائِمَة لَا يُفْنِيهَا شَيْء لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَقْدُر قَدْره وَلَا يُثْنِي عَلَيْهِ كَمَا يَنْبَغِي حَتَّى يَكُون هُوَ الَّذِي يُثْنِي عَلَى نَفْسه إِنَّ رَبّنَا كَمَا يَقُول وَفَوْق مَا نَقُول وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ جَوَابًا لِلْيَهُودِ قَالَ اِبْن إِسْحَاق حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَوْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ أَحْبَار يَهُود قَالُوا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ يَا مُحَمَّد أَرَأَيْت قَوْلَك " وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْم إِلَّا قَلِيلًا " إِيَّانَا تُرِيد أَمْ قَوْمك ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كِلَاكُمَا " قَالُوا أَلَسْت تَتْلُو فِيمَا جَاءَك أَنَّا قَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاة فِيهَا تِبْيَان لِكُلِّ شَيْء ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّهَا فِي عِلْم اللَّه قَلِيل وَعِنْدكُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَكْفِيكُمْ " وَأَنْزَلَ اللَّه فِيمَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ " وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْض مِنْ شَجَرَة أَقْلَام " الْآيَة . وَهَكَذَا رَوَى عِكْرِمَة وَعَطَاء بْن يَسَار وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَة مَدَنِيَّة لَا مَكِّيَّة وَالْمَشْهُور أَنَّهَا مَكِّيَّة وَاَللَّه أَعْلَم وَقَوْله " إِنَّ اللَّه عَزِيز حَكِيم " أَيْ عَزِيز قَدْ عَزَّ كُلّ شَيْء وَقَهَرَهُ وَغَلَبَهُ فَلَا مَانِع لِمَا أَرَادَ وَلَا مُخَالِف وَلَا مُعَقِّب لِحُكْمِهِ حَكِيم فِي خَلْقه وَأَمْره وَأَقْوَاله وَأَفْعَاله وَشَرْعه وَجَمِيع شُئُونِهِ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • بينات الرسالة

    بينات الرسالة: من حكمة الله البالغة أن جعل بيِّنة كل رسول متناسبة مع قومه الذين أُرسِل إليهم لتكون الحُجَّة أظهر والبيِّنة أوضح وأبيَن، وقد أعطى الله تعالى كل نبيٍّ من أنبيائه العديدَ من الآيات والبينات التي يؤمن بها أقوامهم، وكل هذه الآيات لا يُعرف منها شيءٌ من بعد رسالة محمد - عليه الصلاة والسلام - إلا ما ذكره الله في القرآن عنها; وبيَّنها رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أما معجزات نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فهي باقية إلى قيام الساعة، وأعظمُها قدرًا وأعلاها منزلةً: القرآن الكريم. وفي هذه الصفحات بيان صدق هذه المعجزة وعظمتها وأهميتها عند المسلمين.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339050

    التحميل:

  • طالب العلم بين الترتيب والفوضوية

    طالب العلم بين الترتيب والفوضوية : هذه الرسالة عن الترتيب في حياة طالب العلم وآثاره الحميدة، والفوضوية وعواقبه الوخيمة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/233541

    التحميل:

  • فضل الإسلام

    فضل الإسلام: قال معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ - حفظه الله -: « هذه الرسالة من الرسائل المهمة التي كتبها الإمام المجدد - عليه رحمة الله -، وسماها فضل الإسلام؛ لأنه أول باب لهذه الرسالة. ووجه أهمية هذه الرسالة: أن هذه الرسالة تُعتبر رسالة في المنهج الذي يتميز به حملة التوحيد و أتباع السلف الصالح بعامة، كما أنها تبين كثيرا من المباحث والمسائل المتصلة بالواقع العملي للدعوة ومخالطة المسلم المتبع لطريقة السلف للناس من جميع الاتجاهات ومن جميع الأفهام والأهواء. ففيها بيان تفسير الإسلام، وفيها بيان فضل الإسلام، وفيها بيان البدع وأن البدع أشد من الكبائر، وفيها بيان معالم الانتماء الحق، وإبطال أنواع الانتماء المحدَثة، وفيها تفصيل المنهج من حيث الأولويات والاهتمام بالسنة ورد البدع، وفيها ما يتصل ببحث الألقاب والشعارات التي قد نتسمى بها، أو قد يرفعها بعضهم، وبيان حكم ذلك، وفيها بيان أن الإسلام واجب أن يُدخل فيه كلِّه، وأن لا يفرق بين أمر وأمر فيه من حيث وجوب الدخول فيه، والإيمان بذلك ».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بحي سلطانة بالرياض

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2389

    التحميل:

  • الجامع للبحوث والرسائل [ عبد الرزاق البدر ]

    الجامع للبحوث والرسائل: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذا مجموع يحتوي على أربع عشرة رسالة، كتبتُها في أوقاتٍ مختلفة بعضها نُشِر في مجلات علمية، وبعضُها طُبِع في غلافٍ مفرد، وقد رأيتُ من المُناسِب لمُّها في هذا المجموع وجمع شملها في هذا السِّفْر». وقد حوى هذا المجموع الرسائل والبحوث التالية: 1- الرسالة الأولى: المختصر المفيد في بيان دلائل أقسام التوحيد. 2- الرسالة الثانية: إثبات أن المُحسِن من أسماء الله الحسنى. 3- الرسالة الثالثة: الأثر المشهور عن الإمام مالك - رحمه الله - في صفة الاستواء. 4- الرسالة الرابعة: الحوقلة مفهومها وفضائلها ودلالالتها العقدية. 5- الرسالة الخامسة: فضائل الكلمات الأربع. 6- الرسالة السادسة: دروس عقدية مستفادة من الحج. 7- الرسالة السابعة: الحج وتهذيب النفوس. 8- الرسالة الثامنة: تأملات في قوله تعالى: {وأزواجه أمهاتهم}. 9- الرسالة التاسعة: تأملات في مماثلة المؤمن للنخلة. 10- الرسالة العاشرة: ثبات عقيدة السلف وسلامتها من المُتغيِّرات. 11- الرسالة الحادية عشرة: مكانة الدعوة إلى الله وأسس دعوة غير المسلمين. 12- الرسالة الثانية عشرة: تكريم الإسلام للمرأة. 13- الرسالة الثالثة عشر: مفاتيح الخير. 14- الرسالة الرابعة عشر: تنبيهات على رسالة محمد عادل عزيز في الصفات.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344669

    التحميل:

  • حياة المرضيين

    حياة المرضيين : إن شباب المسلمين في أشد ما يكونون اليوم حاجة إلى معرفة فضائل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكرم معدنهم وأثر تربية رسول الله فيهم، وما كانوا عليه من علو المنزلة التي صاروا بها الجيل المثالي الفذ في تاريخ البشر، لذا كانت هذه الرسالة والتي بينت بعض فضائل الصحابة رضي الله عنهم.

    الناشر: موقع عقيده http://www.aqeedeh.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/287315

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة